الجمعة، 5 يونيو 2009

معي الأهل!

للكاتب تركي الدخيل - جريدة الوطن
تختلف التسميات التي يطلقها البعض على المرأة، لكن ما يجمع بين كل تلك التسميات أنها قائمة على الكنايات. بعضهم يناديها بـ"ياهيش". قال أبو عبدالله غفرالله له: وهو منتهى الرقي، أمحق رقي. إلا أن يُقرأ الرُقي هنا، بأنه الرّقي، أي الجح لدى أهل العراق، وهو دلالة على أن من يقول للمرأة "هيش" جحة، وبيضاء أيضاً. وينادونها تارة أخرى بـ"يا مرة" وإذا أراد أن يخبرك أن زوجته وشريكة عمره معه في مشوار أو مناسبة قال لك بشيء من الانكسار: "معي عيالي"، أو معي "الأهل"! حتى وإن كان حديث عهد بزواج ولم يصبح بعد أباً ولم يذق طعم الولد! بل ربما لم يجف حبر عقد نكاحه بعد، وإذا سئل أين أنت تنحنح حرجاً، ثم قال: "أنا مع أهلي" أو "معي عيالي"، هذا بعد أن أوشكنا على نسيان ظاهرة من يتبع الحديث عن المرأة بقوله: أكرمكم الله، وأقول للقارئات قبل القراء: أكرمكم الله عمن كان يفعل ذلك!
الدكتور مرزوق بن تنباك في كتابه "الوأد عند العرب"، يعتبر هذا السلوك شكلاً من أشكال "الوأد المعنوي للمرأة" أن يستحي البعض من التصريح باسم الزوجة ولو حتى بالتلميح، مع أنه لا شيء يطرب الإنسان مثل أن يُنادى بأحب الأسماء إليه. أوه سامحنا يا دكتور مرزوق بعضنا لم يرفع المرأة لتصل إلى مرحلة الإنسان.
بعض الناس ربما لا يستطيع نطق اسم زوجته من شدة التغطرس والاحتقار للمرأة، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب لنا أمثلة كثيرة في الانبساط مع أزواجه وفي تقديره لهن، لقد كان يعاملهن بكل تقدير واحترام وكان يصرح بحبه لعائشة، وفي الحديث المتفق عليه: (سئل أي الناس أحب إليك يا رسول الله ؟ قال: عائشة قال: فمن الرجال؟ قال: أبوها).
ويذكر ابن القيم حينما عرج على خصائص عائشة في كتابه "جلاء الأفهام": (أن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يومها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تقرباً إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فيتحفونه بما يحب في منزل أحب نسائه إليه).
وكان صلى الله عليه وسلم يتحدث عن زوجاته بأسمائهن الصريحة بل ذكر اسم صفية واسم والدها حينما خرج معها إثر زيارته في المعتكف، عندما عجل صحابيان بمشيهما بعد رؤيته مع امرأة خجلاً بقوله: (عَلَى رِسْلِكُمَا ، إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ).
قال أبو عبدالله غفر الله له: إذا كان الرجل يطرب حينما ينادى بأحب الأسماء إليه فكذلك المرأة، وما زلت أذكر أن أحدهم بعث لي إيميلاً يريد أن يسبني، فقال لي يا ابن مزنة، فقلت له في ردي: لو كنت أمامي لقبّلت رأسك، لأنك ذكّرتني بأمي فدعوت لها بالرحمة، ودعوتني بأحب الناس إليّ.

5 التعليقات:

مشعل الحربي يقول...

لا اتفق مع الكاتب في بعض ماذكر فالمجتمع, رجاله ونسائه, تعود على اعراف معينة تحدد المقبول وغير المقبول ولكل زمان اعرافه. قول "الاهل" للأشارة للزوجة لا يعتبر اهانة لها برأي ورأي الكثير من النساء كما ان ذكر اسم الزوجة في مجالس الرجال كفيل بأن ينيل "الذاكر" نظرات الاستهجان والهمز واللمز من ضعاف النفوس. الحكمة تحتم ان نفقه الواقع ونفسيات البشر وقد قيل "لكل مقام مقال" والسفيه عند المجتمع هو من يتحدث بكل ما يراه مناسبا دون ان يحسب حسابا لثقافة المتلقي, مهما كانت هذه الثقافة.

ريم يقول...

لاأتفق معك أخ مشعل..
كلامك يعني أن نقبل بكل أعرافنا وتقاليدنا حتى لو كانت خاطئه..
كلامك يعني أيضا بقاؤنا في نفس مكاننا..وعدم تطورنا وتثقيفنا إلى الأحسن..
في الماضي لم يكن يسمح للفتاه بالدراسه..
لو لم يجاهد من قبلي ويسعى ليمحي هذه الفكره..
لما وجدتني اناقشك في هذه اللحظه..

مشعل الحربي يقول...

ليس هذا المقصد. بعض الاعراف البالية يجب ان تنتهي والمجتمع يجب ان يعوّد على ما ينفعه, لا اعتقد ان هنالك خلاف في هذه النقطة, ولكن اليس الاجدر ان نبدأ بحقوق المرأه التي ضمنها الشرع واضاعها المجتمع حتى لا تسلب المرأة حقها في ادارة شئونها كفرد له حقوق وعليه حقوق؟ لذا فأنا ذكرت انني اختلف مع الكاتب في بعض ماذكر وبينت ذلك اما الامور الاخرى التي ذكرها فهي مستهجنة لاشك وتدل على دونية في التعامل لا تقبل به النفس السوية.
الحياة علمتني ان الحكمة هي ليست مهارة التعامل مع الابيض والاسود ولكن مهارة التعامل مع اللون الرمادي الذي يستلزم فهم نفسية المتلقي وثقافته و "اطاره الذهني" قبل الشروع في ايجاد الحل. هنالك دائما حلول لا تستلزم معارك "ثقافية".

ريم يقول...

(فهم نفسية المتلقي و ثقافته وإطاره الذهني)
قد يكون كلامك صحيح..ولكنه لايناسب كل المواقف التي قد نضطر لمواجهتها لنحصل على أبسط حقوقنا..
كلامك يصلح للتطبيق عندما نكون في موقف أقوى من المتلقي..وليس عندما نكون نحن الحلقة الأضعف..
في هذه الحاله أنا أسميه إنكسار وإستسلام وليس فهما

مشعل الحربي يقول...

حديثي اختي الكريمة عن تغيير المفاهيم اما المطالبة بالحقوق فها امر اخر. الحقوق يجب ان تنزع انتزاعا من ضعاف النفوس اللذين يستحلون حقوق البشر و لا يهم تغيير مفاهيمهم لانه في اغلب الحالات يجادلون بالباطل وهم يعلمون انهم معتدون. خطابهم "بالتي هي احسن" قد تكون البداية لاعطائهم فرصة اخيرة للتراجع قبل ان يبدأ التعنيف والوقوف "وقفة جريئة" لدفع شرهم و ظلمهم. نعم, نحتاج لللين في مواضع والشدة في مواضع, والحكمة والحزم ان نعرف متى واين.

إرسال تعليق