الثلاثاء، 2 يونيو 2009

مغامرة (سوزي) بالسعودية.. محجوبة!

للكاتب أشرف إحسان فقيه
لو حصل وسألت المسؤول – إذا استطعت أن تحدده- عن حجب مدونة (مغامرة سوزي الكبرى – Susi’s Big Adventure) عن السبب وراء ذلك الإجراء، فإنه غالباً سيتحجج لك بـ "المصلحة العامة". ربما سيقول لك ذلك المسؤول المجهول إن محتوى المدونة به "مخالفات" ما، إن هناك "شكاوى" معينة قد وصلت لهيئة الاتصالات بخصوصه، أو إن المدونة قد دأبت على نشر تجاوزات سياسية، عقدية، أخلاقية.. إلخ. ربما أكّد أن صاحبة المدونة.. بحكم جنسيتها الأمريكية.. قد قامت على نحو ما بتشويه سمعة البلاد، وبترويج الأخبار المثيرة للبلبلة والتي لا تعكس الصورة الحقيقية لـ "مملكة الإنسانية".. إلى آخر هذا الكلام.
وهذه كلها تبريرات افتراضية، نختلقها هنا ونتخيلها، لأن أحداً لا يعرف على وجه الدقة المسوغات الحقيقية لحجب مدونة السيدة (سوزي) وإغلاقها بدون سابق إنذار في أوجه متصفحي الإنترنت بالسعودية.
لوهلة، يبدو الموضوع أقل من أن يُكتب فيه مقال. فهناك قضايا وهموم أكبر من مجرد حجب موقع إنترنت يجدر أن يلتفت لها كُتّاب الرأي.. هكذا درج القارئ الملول على تذكيرنا، وعلى مطالبتنا بالحديث عن الفقر والبطالة والفساد. لكن كل تلك المحاور تستمد أهميتها من تعلقها المباشر بحق المواطن وبحريته. وسياسة الحجب، مثلها مثل الوصائية والحجر الفكري وفرض الرأي.. كلها أيضاً تمثّل مسّاً بحق خالص من حقوق الإنسان الحر. خاصة إذا مورست بشكل اعتباطي وعائم. هذا مبرر أول يدفعنا لتناول القضية هنا. أما المبرر الثاني فهو متعلق بتشويه صورة مملكتنا الإنسانية، والذي ثبت أن أساليب الحجب والحظر العشوائية تحققه.. بفاعلية تفوق كل المواقع المغرضة والمشبوهة الأخرى!
الذي حصل بعد حجب موقع السيدة (سوزي) المذكور بعاليه هو أن وكالات الأنباء العالمية قد طارت بالخبر وتداولته كقرينة إثبات أخرى لما تزعمه من قمع للحريات بالسعودية. هذه الوكالات استشهدت بالتقارير الأخيرة حول تدني مستوى الحرية الصحفية، وانتهاك حقوق المرأة والأجانب، وسقوط سقف التعبير، إلى آخر قائمة التهم التي تبذل مؤسسات علاقاتنا العامة ودبلوماسيتنا جهوداً مضنية لتفنيدها. والتي نصرّ نحن على أن كثيراً منها هو إما مختلق.. أو مبني على سوء فهم للوقائع.
لكن الحاصل الآن هو أننا نتعمد أن نصوّب بنادقنا إلى أقدامنا. هناك من تحمس بغتة وحجب موقع هذه المدوِّنة الأمريكية المقيمة بالسعودية.. واحدة من مئات. والتجربة طالما علمتنا كم هو خطير التعرض لمجتمع الإنترنت التواصلي والتفاعلي. حيث تُنقل الأخبار وتُصعَّد الأمور بسرعة النقر على زر (الماوس). موقع (فرانس بِرس) بجلالة قدره تلقّف الموضوع الأسبوع الفائت لينقل عن (سوزي)، السيدة الأمريكية المتزوجة بسعودي، والأم لمواطن سعودي، والمقيمة بالسعودية منذ سنوات، أنها مندهشة وحائرة.. وأنها لا تريد المشاكل لها ولا لأسرتها. إنها فقط تريد أن "ينوّرها" أحد ويعلمها بالغلطة التي ارتكبتها كي تحجب مدونتها بين ليلة وضحاها!
تقول (سوزي) إن مدونة (المغامرة الكبرى) كانت مكرسة أولاً للتواصل مع أقاربها في أمريكا، ثم صارت تمثل نافذة لكل قرّاء الإنجليزية الذين يريدون أن يروا "السعودية الحقيقية" عبر عيني امرأة أمريكية عادية.. تنقل لهم وقائع الحياة اليومية كما يعايشها المواطن العادي. بدون فبركة ولا أجندات سياسية خفية. بالعكس، فمدونة (سوزي) فيها سعادة واضحة وحب حقيقي للبلد. إنها حافلة بالألوان والأصوات وبالنَفَس العائلي الحميم. وإن كان من نقد أو كلام "غير محبب" عن بعض مظاهر حياتنا، فهو لا يتجاوز ما نثيره نحن أنفسنا يومياً في مجالسنا وعلى صفحات جرائدنا.. ولا يتجاوز قلق أي أُمّ تعرف أن ابنها وذريته من بعده سيعيشون في قلب هذا البلد.. وليس في أمريكا المحرومة من كثير من نِعم السعودية.. كما كتبت (سوزي) ذاتها في مدونتها المحجوبة!
لو كانت (سوزي) قد تجاوزت خطاً أحمر.. فلماذا لم ترسل لها الجهة المسؤولة إنذاراً. وإذا كانت هذه القضية قد وصلت للرأي العام الأجنبي لأن صاحبتها تحمل جنسية "سوبر".. فكم مدون وكاتب وصاحب رأي "درجة ثانية" يكمم فوه كل يوم بدون أن يهتم بأمره أحد.
يبدو أن حجب موقع (سوزي) قد تم بالخطأ. لكن حتى لو رُفع الحجب اليوم.. أو قبل نشر المقال.. فإن الضرر قد وقع فعلاً. هناك من رسَّخ السمعة السيئة الملصقة بنا كبلد يخنق الحريات ويسد المنافذ عشوائياً.. والذي فعل ذلك لم يكن صاحب المدونة المحجوبة، ولا مراسل وكالة الأخبار الذي كتب عنها. المذنب الحقيقي هو الذي قام بحجب الموقع بدون تبرير.. وبدون أن يتمكن أحد من الوصول إليه لأخذ أقواله بخصوص "القضية".. كما يؤكد مراسل وكالة (فرانس بِرس) العتيدة للأنباء.

7 التعليقات:

مشعل الحربي يقول...

تم رفع الحجب عن المدونة
http://susiesbigadventure.blogspot.com/

ريم يقول...

ذهبت الى المدونه..وقرأت بعض ماكتب هناك..
أحسست بإحساس غريب..لاأستطيع وصفه..ولا أعرف لماذا أحسسته..
شعور بالضيق..بالحزن..أو ربما بالأسف..

مشعل الحربي يقول...

هل هذا الشعور سببه المنع ام انطباع عام عن المدونة ؟

ريم يقول...

لم يكن المنع هو سببه..
بل كان بعد تصفحي للمدونه..
لاأعرف الى الآن سبب ضيقي..
ولكنني أيقنت بأنه:
(بدأالإسلام غريباو سينتهي غريبا فطوبى للغرباء)

مارأيك أنت بتلك المدونه؟؟

مشعل الحربي يقول...

نعم احسست بنفس الشيء ولكني لاحظت ان هذا الشعور انتابني من قبل عندما قرأت كتابات غربية تتحدث عن خصوصيات مجتمعنا مثل هذه المدونة. لعلها غيرة فطريةعلى مجتمعنا من نظرة "الاخر" ونقده .. حقيقة لا ادري
ذكرتي غربة الأسلام.. اشاركك هذا الشعور ولكن ليس بسبب هذه المدونة ولكن بسبب الهجمة على المسلمات الاسلامية من قبل الكثير من ابناء جلدتنا. بعض هذه المسلمات حقيقة تستلزم اعادة نظر خصوصا عندما يكون هنالك مساحة للخلاف في المذاهب السلفية, ولكن هنالك ايضا من يركب هذه الموجة لتحقيق مأرب اخرى..

ريم يقول...

كلامك صحيح..
ومازاد ضيقي..عدم ذكر أي ميزه أو حسنه من حسنات الإسلام..
أيعقل أنها لم تستشعر للحظة واحده عظمة ديننا..
وإن كان كذللك..فماهو السبب؟؟ألهذه الدرجه فشلنا بتمثيل ديننا..
بحمل رسالته عبر تعاملاتنا..وصدقنا ..وأمانتنا..
ألم ترى سكينتنا عند حضور مصيبتنا..
ألم تشعر بطمأنينة أحدنا وهو بين يدي خالقه,,
يدعوه ويناجيه..

من نحن؟؟ومن هم المسلمون؟؟
سؤالان لم أجد لهما إجابه..

مشعل الحربي يقول...

الاسلام اكبر من يناله احد "ولن يشاد هذا الدين احد الا غلبه" لذا انا مطمئن ان كل المحاولات للنيل من هذا الدين مألها للفشل ومفعولها عكسي (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).
لا بد ان نعترف ان الغرب يرى الكثير منا وهم يمارسون امورا لا تمت للاسلام بصلة وهذا مأخذ علينا وللاسف يؤتى الاسلام من قبل هؤلاء المحسوبون عليه.
اطمئني اخت ريم, الاسلام يرعاه رب البشر وليس معتمد علينا والا كان مصيره التحريف اوالأندثار كما حصل للاديان السماوية الاخرى.

إرسال تعليق